خلال فترة قصيرة، عاني بناء بالحجر من ارهاق والآم عضلية وضعف غير معهود ، وانتفاخ في الوجه وتغير في لون جفنينه العلويين. وخلال عدة اسابيع كان قد فارق الحياة.
وكان البناء الشاب قد عرض حالته على الطبيب الالماني "هانز انفريخت" (Unvericht). وفي صف الحالة التى كتبها الطبيب سنة 1887 نجد ان الشاب عانى من ضعف القوة العضلية، والشعور بالتيبس ، بالاضافة الى آلم في اعلى الذراعين و عضلات الظهر، ثم لم يلبث خلال اسابيع قليلة ان اشتكى المريض من انتفاخ الوجه والاطراف مع ارتفاع درجة الحرارة وظهور طفح مزرق على جفنيه العلويين, وخلال ايام اصبح يعاني من صعوبة التنفس وغلظة الصوت بالاضافة الى عسر البلع ثم لم يلبث ان مات كنتيجة لفشل الجهاز التنفسي عن اداء وظيفته بشكل مرضي.
وبعد مرور 4 سنوات على التقرير الطبي السابق، قدم "انفرخت" وصفا لحالة مشابهة اخرى ، ثم اعطى المرض هذه المرة اسمه الذي لايزال يعرف به حتى يومنا وهو "التهاب العضلات والجلد" (dermatomyositis). وقد اوضح الطبيب سبب اطلاقه لهذا الاسم في الفقرة التالية من تقريره:" اعتقد ان التغيرات الجلدية التي تصاحب هذا المرض يجعل من اطلاق اسم التهاب العضلات عليه غير معبر عن الصورة المرضية بالكامل. وفي حالتنا هذه فان ترافق التغيرات الجلدية المذكورة مع مرض العضلات يجعلني اطلق على هذا المرض اسم "مرض التهاب الجلد والعضلات".
وفي الواقع فان اول تقرير في تاريخ الطب عن مرض التهاب الجلد والعضلات كان قد نشر قبل تقرير "انفرخت" الاول بعد أعوام، وبالتحديد في العام 1863. ففي تلك السنة نشرت دورية الارشيف الالماني للطب تقريرا مفصلا كتبه الطبي "فاغنر" (.Wagner E)، وكان حول حالة التهاب حاد في العضلات تسبب في ضعف عضلي واضح ومتزايد وترافق مع تغيرات جلدية مميزة كالتي وصفها اونفرخت. وقد تبع هذا التقرير ، منشورا مشابها نشر في باريس في العام 1875 بواسطة "بوتان" (P. Potain). وقد القى هذين التقريرين الضوء مبكرا على مرض نادر وخطير يتميز بأذي مضطرد في العضلات يترافق مع تغيرات جلدية مميزة.
وبعد مرور عقدين على بداية القرن العشرين، اتضحت علاقة المرض بالامراض السرطانية، عبر تقريرين المانيين ل "شترتز" (Stertz) نشر سنة 1916 عن ترافق المرض مع سرطان المعدة ، ثم تبعه كرانكلايت (Krankeleit) في نفس العام بتقرير عن ترافق المرض بسرطان الثدي. وفي العام 1930 وصف الالماني هاينريخ قوترون (Gottron) التغيرات الجلدية في مرض التهاب العضلات والجلد بشكل مفصل، وهي التغيرات التي لا تزال توصف باسمه حتى وقتنا هذا.
د. أحمد عبد السلام بن طاهر
أستشاري بقسم الأمراض الباطنة والروماتيزم في مستشفى أويرباخ في المانيا، ورئيس منتدب لقسم أمراض الروماتيزم بمستشفى "قريف" في بولندا، سابقا.
شارك في تأليف مرجع الروماتيزم الألماني الصادر سنة 2001 و 2008
متحصل على شهادة البورد وعلى شهادة الدكتوراة .PhD في طب الروماتيزم
استشاري أول طب الروماتيزم . سنة الحصول على درجة التخصص 1990
متحصل على شهادة البكارليوس في الطب والجراحة عام 1984م.
للاستشارات عن طريق الواتس اب والتيليغرام : 0928665810 (ليبيا)
الايميل: alregwa@gmail.com
______________________________________________
Copyright© 2016 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2016 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر
--------------------------------
الصور منسوخة عن النت: الاولى لـ "انفريخت" ، والثانية عن تغيرات حول العينين التي كتب عنها انفريخت في تقاريره، والثالثة لـ "قوترون" والرابعة لتغيرات جلد اليد في مرض التهاب العاضلات والجلد لتي نسميها "حطاطات قوترون".
شكرا دكتور على المقال المميز حول هذا المرض بالعربية. وأرجو أن تكثر المقالات الطبية والترجمات بالعربية لنتمكن من التواصل بشكل أفضل مع مرضانا
ردحذف