بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 يناير 2019

نحن واليابان ...


          قرأت بإعجاب مقال د. سليمان ابراهيم العسكري " نحن واليابان... نظرة عربية جديدة إلى الشرق " المنشور في عدد فبراير 2008 من مجلة العربي، وأتفق معه على فائدة التعاون مع هذا البلد العملاق في مجال التعليم .

مشكلة اللغة اليابانية:

         غير ان هذا التعاون يحتاج إلى تجاوز عقبة ضخمة اسمها اللغة اليابانية. فالتمكن من هذه اللغة بشكل كاف يحتاج الى الانتظام في الدراسة لسنوات عديدة ، ولا يكفي التزود باللغة الانجليزية وحدها. و تشكل صعوبة اللغة اليابانية مشكلة لأصحابها أنفسهم ، وتقف خلف ضعف صادراتهم الثقافية والعلمية على الرغم من وفرة الاسماء العظيمة عندهم في كل مجالات الثقافة والعلم. و لهذا فاليابان ، كما يقول المفكر " الفن توفلر " :" متخلفة عن الولايات المتحدة في أهم مجال من مجالات التنافس على السلطة والقوة ، أي مجال إنتاج ونشر الأفكار والمعلومات والصور الانطباعية ".

لزوم وجود خطة للتعاون مع اليابان:

         وتعاني بلاد الشمس المشرقة ، قلة الوافدين اليها للدراسة مقارنة بأعداد من يغادرونها للدراسة في الغرب. ولهذا فالاتجاه نحو اليابان يستلزم وجود خطة متكاملة، تعنى أولا بإدخال اللغة اليابانية إلى نظم التعليم العربية. وهذا سيؤدي إلى جعل الدراسة في اليابان منافسة للدراسة في الدول الناطقة بالإنجليزية أو الفرنسية . كما سيفيد في تعميق العلاقات الثنائية و يمد جسور فهم الآخر بين العرب واليابانيين على السواء . وسيسعد هذا اليابانيين بالتأكيد ، وسيؤكد على جدية العرب في الحصول على مساعداتهم الثقافية والعلمية . وليس سراً أن هناك جدلا كبيرا يدور بين الصفوة في اليابان بشأن الدور المفترض ان يلعبه بلدهم على المستوي العالمي . وتقترح ألكثير من الاصوات هناك، بان تركز اليابان على مد تأثيرها الثقافي والعلمي إلى الدول النامية أينما كانت، كما ذكر توفلر .

لزوم الانتقائية للاستفادة من العلم الياباني:

         وبالطبع ليس لنا هنا إلا أن نذكر بأن تكون الاستفادة من العلم الياباني إنتقائية، و ذلك بالتركيز على المجالات التي تتفوق فيها اليابان، كالموصلية الفائقة و الشرائح الالكترونية وتقنيات الاتمتة الآلية و الانسان الآلى .أما فيما عدا ذلك ، فيفتقر نظام التعليم الياباني بشكل لا مجال لإنكاره إلى الجودة العالية التي تتمتع بها السلع الاستهلاكية اليابانية. وفي الواقع فان هذه الاستراتيجية الانتقائية هي ذاتها التي استخدمتها اليابان لتتشرب العلوم والتقنيات التي تعوزها في فترة الاصلاحات الثورية للإمبراطور ميجي ( 1868 ) ، التي أثمرت الموقع الياباني الحالى على خارطة العالم والتاريخ. فقد أرسل الطلبة اليابانيون آنذاك إلى بلدان اوربية بعينها، ليدرسوا العلوم التي تتفوق فيها كل منها على غيرها . وهنا يمكننا ان نلخص ثنائية المعادلة التي مهدت طريق اليابان نحو المستقبل : الارادة السياسية الصادقة والتخطيط المتكامل للوصول إلى الهدف المحدد جيدا .

هناك تشابه بين العرب واليابانيين:

         أما ما يشدد عليه البعض ، بخصوص الدور المركزي للعامل البشري في تجربة اليابان، أي أهمية الخصائص الفريدة لهذا الشعب ، فاعتقد أنه اقل أهمية من أطراف معادلتنا السابقة. و حتى في هذا الجانب لدينا نحن العرب الكثير من الأوجه النفسية والفكرية المشتركة مع اليابانيين. فمن ناحية يتشابه تأثير إرثنا القبلي من نواحيه الاجتماعية والفكرية إلى حد بعيد مع الإرث الإقطاعي الذي يحتل مكانا حصينا في العقلية اليابانية حتى اليوم. و لا ننسي الموقع الباهر الذي تصدره الشعر في الثقافتين العربية واليابانية . و إذا لم يكن هذا كافياً ، فما بالك بالتعلق بالماضي والتقاليد الذي يتشارك فيه الاثنين. ورغم تشابه معاناة مفكري الشعبين من مرارة احداث التاريخ السابقة، التي تضل كابوساً عابثا بأرواحهم ، الا أن الامر لا يصل إلى ذروته الدرامية إلا عند اليابانيين. وهذا ما وصفه " غابرييل غارسيا ماركيز " ذات مرة في قوله "الحقيقة أني لم أكن أعرف شيئا يقينيا عن الروائيين اليابانيين ، سوی أنهم سينتهون جميعهم، عاجلا أو آجلا ، إلى الانتحار ".

___________________________________________________ 
 Copyright© 2014 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher 
 حقوق النشر محفوظة © 2014 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق