تقديم كتاب " متعة اكتشاف الأشياء "
كيف يفكر عباقرة العلم ، وكيف نعين اطفالنا على تطوير مهارة التفكير المبدع؟ الاجابة على مثل هذا السؤال الذي قد يخطر على بال بعضنا ، هو ما نحصل عليه بشكل غير مباشرة من مطالعتنا لكتاب " متعة اكتشاف الاشياء" من تعريب ابتسام الخضراء ونشر مكتبة العبيكان ( 2005 ) . والكتاب عبارة عن تجميع لمجموعة من أعمال الفيزيائي الامريكي ريتشارد فاينمان ( Richard Feynman ) الحاصل على جائزة نوبل سنة 1965 عن دراساته في مجالفيزياء ميكانيا الكم ( Quantum ).
ويعتبر فاينمان الذي توفي سنة 1988 ، أيقونة شارحي العلم للعامة، حتى انه اصبح ظاهرة يطلق عليها البعض اسم " الهوس بفاينمان ". ويرجع هذا لقدرته على تبسيط اعقد الافكار بشكل فكاهي مميز ، لكي يسهل فهمها من قبل الجمهور العادي.
ويعتبر فاينمان الذي توفي سنة 1988 ، أيقونة شارحي العلم للعامة، حتى انه اصبح ظاهرة يطلق عليها البعض اسم " الهوس بفاينمان ". ويرجع هذا لقدرته على تبسيط اعقد الافكار بشكل فكاهي مميز ، لكي يسهل فهمها من قبل الجمهور العادي.
فصول الكتاب
يقع الكتاب في 13 فصلا ، تحتوي على مجموعة من المحاضرات وبعض اللقاءات كما تضم التقرير الخاص بتحليله لاسباب تحطم مكوك الفضاء تشالنجر ( Challenger ) ، بصفته رئيس لجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة الامريكية آنذاك، لدراسة اسباب الكارثة.وتلقي فصول الكتاب الضوء على بعض أوجه الشخصية المعقدة لهذا الفيزيائي . و تنقلنا السطور إلى اجواء محاضرات ولقاءات فاينمان ، لنشاركه متعة اخذ الامور بفكاهة وقلب الافكار راسا على عقب ، كاننا امام عرض ، يلعب فيه دور العبقري والمهرج متنقلا من بين الدورين بسلالة لا تدرك إلا بعد حين. كما تكشف لنا المحاضرات عن اهتمام هذا الفيزيائي بالكثير من المجالات التي تتخطى الحدود المالوفة لتخصصه، حيث تاخذنا احداها إلى اليابان لنجده يقدم اقتراحات لحل بعض مشاكل الكومبيوترات الفائقة الاداء. كما ننتقل مع الكتاب إلي سنة 1959 ، لنشهد ولادة " تقنية ثورية جديدة " على يد فاينمان ، خلال محاضرته الشهيرة التي ناقش فيها فكرته عن امكانية التصغير البالغ للاشياء ، وهو الامر الذي يعرف الآن باسم " تقنية النانو " . وقد وصف فاينمان هذه التقنية بانها ممكنة ، و تعهد وقتها باعطاء جائزة لاول من يتمكن من تحقيقها عمليا.
و يتطرق الكتاب إلي احدى المحطات الرئيسية في حياة فاينمان ، ونقصد بهذا دوره في صنع القنبلة الذرية الاولى في لوس الاموس (Los Alamos ) المحاط بالسرية، لنتعرف على ذكريات فاينمان عن تلك الحقبة وملابساتها . و لا يفوت فاينمان ان يخبرنا في اكثر من موضع ، عن الدروس التي تعلمها من والده حول متعة اكتشاف الاشياء ، لنكتشف ان ما جعل من منه عالما غير عادي ، هو فضوله الطفولي ، و ادمانه التفكير في كيفية عمل الاشياء ، وهي السلوك الذي يكافئ أصحابه باللذة و بهجة الحصول على الكثير من الاسئلة والشكوك الجديدة.
أسلوب الكتاب
وبعض فصول الكتاب ذات اسلوب سردي محض ، وبعضها الاخر ذو صبغة اكثر تقنية . وقد اعد الكتاب عن تسجيل لمحاضرات ولقاءات بصورتها الاصلية وبدون تنقيح و اعداد للنشر المطبوع، وهو الامر الذي لا يخفيه الناشر . وبالرغم من نجاح الكتاب في تقديم فكر فاينمان وهو يعمل ، بدون رتوش ، إلا ان هذه "المباشرة " هي نقطة الضعف الرئيسية في الكتاب. فاسلوب فاينمان وهو منطلق على سجيته يتميز بالحماسة التي تجعله يكرر بعض الافكار اكثر من مرة ويتجاوز بعض الافكار الاخرى المهمة بسرعة نتيجة لمعرفته للمستوي الثقافي لمن يستمعون اليه مباشرة . ولعل اكثر الاجزاء وضوحا في الكتاب ، هو التقرير حول كارثة تشالنجر.و لاتعطي الحواشي شرحا كافيا حول المصطلحات التي تشملها فصول الكتاب، مما يزيد من صعوبة مطالعته. كما تقع احدى الحواشي - اسفل صفحة 67 - في خطا تاريخي عندما تذكر ان الحركة البراونية اكتشفت سنة 1928 من قبل روبرت براون ، بينما يرجع هذا الاكتشاف إلى سنة 1827 .
وبالرغم من ان بعض المواضيع ترجع إلي اكثر من اربعة عقود مضت، الا انها لاتزال صالحة للنقاش حتى اليوم. و حتى وان كانت بعض محطات الكتاب بعيدة عن اهتمامات القاري غير المتخصص ، فلا يجب ان يعد هذا عقبة امام التمتع بمطالعة الكتاب، لان بعضا من عبقرية فاينمان تتجلى في قدرته على تبسيط اعقد الافكار العلمية.
___________________________________________________
Copyright© 2014 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2014 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر
Copyright© 2014 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2014 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق