بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 يناير 2019

مغبونات ... لكن بحاجة للتصحيح!


   جاء في مقال " د. عبد الرحمن النمر" في المنشور في مجلة العربي في عدد مايو ( 594 ) لسنة 2008 تحت عنوان " مغبونات بعقول لامعة " مجموعة من الأخطاء التي تحتاج لبعض التصحيح والتوضيح. ففي فقرة " عالمات مغبونات" ( ص 176) كتب المؤلف : " وفي عام 1934 ، تكلمت الكيميائية الالمانية " ادا نوداك " عن امكانية " شطر " الذرات الى وحدات أصغر. وهي الفكرة التي تضمنتها نظرية الانشطار النووي " التي وضعها الكيميائي الالماني " اوتو هان " ، ... ، و الغريب كذلك ان " هان " منح جائزة نوبل ، ... ، عن نظريته حول الانشطار النووي ، دون أن يرد ذكر لـ " المظلومة نوداك.

        والحقيقة ان العالم الالماني " اوتو هان " منح جائزة نوبل لسنة 1944 ، ليس عن نظرية الانشطار النووي ، بل " لاكتشافه عملية انشطار الذرات الثقيلة " كما جاء في حيثيات الجائزة. و هذا لأنه اول من اكتشف في المختبر سنة 1938 ، أن قذف اليورانيوم بالنيوترونات يؤدي الي ظهور عنصر الباريوم ، وهو اقل في الوزن الذري من اليورانيوم ( مما يعني ان الذرة انشطرت ) . اوتو هان قام بالاكتشاف لكنه لم يفطن الي دلالة هذا علي حدوث " انشطار نووي " . وهنا جاء دور مساعدته السابقة النمساوية " ليز مايتنر " لكي تعطي التفسير الصحيح.

        أما الكيميائية ايدا نوداك (Ida Noddack ) وليس " ادا " - كما جاء في المقال - فلم تلعب أي دور في هذا كله ، وعلاقتها الوحيدة بالموضوع بعيدة . وخلاصة الأمر أن العالم انريكو فيرمي نشر سنة 1934 مقالا ، توقع فيه ان يؤدي قذف اليورانيوم بالبروتونات الى ظهور عناصر أكبر في الوزن الذري من اليورانيوم ( وهي التجربة التي قام بها " هان " فيما بعد ). وفي نفس السنة نشرت " ايدا نوداك " مقالا قدمت فيه افتراضا اضافيا حول تجربة " فيرمي " ، وهو أن هناك احتمالا بان لاينتج عن القذف عناصر أكبر في الوزن الذري من اليورانيوم ، ولكن أن تتحلل ذرة اليورانيوم الى نظائر للعناصر المعروفة. وكما يتبين فان " ايدا " لم تضع نظرية في الانشطار النووي ، و لا هي قامت بتجربة تثبت حدوث الانشطار النووي. ويبدو انها هي نفسها لم تكن تقتنع بجدوي افتراضها الاخير ، لانها لم تتابع الموضوع بعد ذلك لا بشكل نظري ولا عملي.

         كما أتي المقال علي ذكر : " ... وقد منح الامريكي " جيمس واتسون" جائزة نوبل في الكيمياء في عام 1962 ، لاكتشافه التركيب الكيميائي للحامض النووي، ... ، وله شكل مميز اطلق عليه " واتسون" اسم الحلزون المزدوج. و الحقيقة أن عالمة البلوريات " روزاليند فرانكلين - والتي عملت كمساعدة لـ " جيمس واتسون" ، ... ، هي أول من ادخل تعبير " الحلزون المزدوج ، ... ،".  وتقود الفقرة السابقة الي الاعتقاد بان " واتسون اكتشف الحمض النووي – وحصل علي الجائزة - وحده ، والصحيح انه قام بهذا الاكتشاف - وحاز الجائزة - مع رفيقه العالم " فرنسيس كريك ". هذا بالاضافة الي أن " روزاليند " لم تعمل مساعدة لواتسون و لا كريك – كما جاء في المقال - في أي يوم من ايام حياتها ، حيث كانت تعمل في الكلية الملكية في لندن ، بينما عمل واتسون وكريك في كامبريدج.

        أما بالنسبة لتركيب الحمض النووي على هيئة " حلزون مزدوج" فقد ابتدعه " كريك " و " واتسون " ، ولم تأتي به " روزاليند" . صحيح أنها ومساعدها قد لاحظا أن الفحص بالاشعة السينية للحمض النووي الجاف يعطي ظلا "حلزونيا " والحمض المبلل ظلا مستقيما. الا انهما لم يقتنعا بان يكون للحمض النووي شكل الحلزون وتوقعا أن الشكل المستقيم هو الأقرب الي الواقع . ولكن عندما افترض واتسون وكريك في عمل من أعمال الفكر الخالصة ، أن تركيب الحمض النووي يجب أن يكون على هيئة " حلزون مزدوج " – وليس حلزونا فحسب - أصبح الباب مشرعا لاكتشاف تركيب الحمض النووي، وأصبح بمقدورهما ، في ليلة من ليالي سنة 1953 ، أن يصيحا مغتبطين :" لقد اكتشفنا سر الحياة".

___________________________________________________ 
 Copyright© 2014 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher 
 حقوق النشر محفوظة © 2014 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق