مجد الانسان ما هو الا مجموعة
في بعض الاحيان، كان يساورني الشك بأن العبارة التي تقول بأنه " لا يوجد شخص لم يسمع بكلمة "روماتيزم" تقريبا، تعاني من زيادة كلمة " تقريبا" في نهايتها ، حتي ركبت منذ سنتين سيارة اجرة مع شاب في العشرينات من العمر. بعدها عرفت بانه من المفروض ان لا انسى "تقريبا" هذه أبدا ، عندما اتحدث عن الروماتيزم في محاضراتي في الجامعة. فقد أكد لي الشاب المذكور - دون أي شعور بحقد تجاه الأغريق - ليس ففط انه لا يعرف معنى هذه الكلمة- بل وايضا ـ أنه لم يسمع بها اطلاقا. ولهذا كان على ان اشرح له الامر.
كلمة من بلاد الاغريق
تعود الناس على سماع كلمة روماتيزم ( Rheumatism)، وعلى استخدامها. والحقيقة أن هذه الكلمة الرائجة الاستعمال في كثير من اللغات الأوربية والأسيوية.ليست عربية أصلا. ولعله من النادر جداً ان نقابل شخصاً لم يسمع بلفظة "روماتيزم"، غير انه رغم شيوع هذا اللفظ في كل اللغات تقريباً، فانه من الطريف ملاحظة مدى اختلاف ما تعنيه هذه الكلمة عند من يتحدثون حولها، وما يشوبها من عدم الوضوح والتحديد. فيستخدم بعض الناس كلمة روماتيزم للدلالة على الآم احدى تراكيب الجهاز الحركي كالمفاصل والعضلات. كما يستخدم البعض الآخر لفظة روماتيزم للدلالة على مرض من أمراض الروماتيزم المزمنة، كمرض التهاب المفاصل التنكسي، أو مرض التهاب المفاصل الروماتويدي (Rhematoid arthritis) . أما البعض الاخر فيقصد بلفظه روماتيزم ،ألآلم الذي يستشعره البعض عند التعرض للرطوبة او البرد.
ومصدر كلمة روماتيزم الحقيقي هو اللغة اليونانية القديمة ، متمثلا في كلمة "ريوما" ( Rheuma )، التي تشكل الشطر الأول من كلمة " ريوماتيزم" (Rheumatism). و قد وردت هذا الكلمة لأول مرة في كتابات الطبيب ألاغريقي أبوقراط ( Hippocrates ) في القرن الرابع قبل الميلاد، غير أننا نعرف اليوم أن أول من استخدم كلمة "ريوما" في الطب، هو الفيلسوف والمطبب الصقلي "امبيدوكليس" ( Empedokles) الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد. وربما يكون طول فتره استعمال هذه الكلمة ، هو السبب في انتشارها في الكثير من اللغات الأوربية والسامية والأسيوية.
وقد استخدم الاغريق هذه الكلمة في مؤلفاتهم للدلالة على ما نعنيه اليوم بكلمة "يسيل" أو " يرشح" ، غير أنهم لم يستخدموها للتعبير عن أمراض الجهاز الحركي وأعراضه ، بل للتعبير عن جملة من أمراض اخري ليس لها علاقة به، بل كان المصطلح يستخدم عند القدماء للدلالة على اضطراب في الجسم أو للدلالة على انتشار أعراض المرض في الجسم ( للقصد بأن ألمرض يرشح مثل الرطوبة خلال الجسم ). وفي القديم كان كثيرا ما يقال روماتيزم عيون أو انف أو حنجرة او غير ذلكا.
و قد ظلت هذه الكلمة " المصطلح" بمنأى عن الاستخدام في مجال أمراض المفاصل والجهاز الحركي ،حتى جاء الطبيب الفرنسي غيوم دي بايلو " Giullaume de Baillou واستخدمها للدلالة على أمراض المفاصل، وذلك في كتابه الشهير المعنون باسم "حول الروماتيزم و الآم الظهر" ** ، الذي نشر في العام 1642 ، أي بعد وفاة المؤلف بسنوات. ومنذ ذلك الوقت بدا انتشار استخدام هذه الكلمة ملتصقا بأمراض الجهاز الحركي .
د. أحمد عبد السلام بن طاهر
سابقا، أستشاري بقسم الأمراض الباطنة والروماتيزم في مستشفى أويرباخ في المانيا، ورئيس منتدب لقسم أمراض الروماتيزم بمستشفى "قريف" في بولندا
شارك في تأليف مرجع الروماتيزم الألماني الصادر سنة 2001 و 2008
متحصل على شهادة البورد وعلى شهادة الدكتوراة .PhD في طب الروماتيزم
استشاري أول طب الروماتيزم . سنة الحصول على درجة التخصص 1990
متحصل على شهادة البكارليوس في الطب والجراحة عام 1984م.
للاستشارات عن طريق الواتس اب والتيليغرام : 0928665810 (ليبيا)
الايميل: alregwa@gmail.com
______________________________________________
Copyright© 2015 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر
______________
*. : عبارة الشاعر منقولة عن "كتاب دراسات في تاريخ العلوم وفلسفتها. تأليف جورج كانغيلام". Rainer-Maria Rilke
**. Treatise Liber de Rheumatismo et Pleuritide dorsali.
**. Treatise Liber de Rheumatismo et Pleuritide dorsali.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق