استغرق اكتشاف واستخدام البروتين المتفاعل سي (CRP) أكثر من عقدين من الزمان. وقد بدات قصة هذا البروتين،الذي يستخدم بشكل واسع في الطب حاليا، في سنة 1930، عندما كانت الأبحاث تجرى في جامعة روكفلر في أمريكا لاكتشاف علاج لمرض التهاب الرئة القاتل (pneumococcal pneumonia )، الذي اكتشف العالم الفرنسي لويس باستور ( Pasteur) والامريكي شتيرنبرغ ( Sternberg) سنة 1881 ان سببه بكتيريا معينة تصيب أنسجة الرئتين. ففي تلك السنة (1930) التي ابتدأت عندها حكايتنا، اكتشف عالمان يعملان في الجامعة المذكورة ، هما ويليم تيللت ( Tillett ) و توماس فرانسيس (Francis ) جزا معينا في جدار البكتيريا المسببة للمرض (Streptococcus pneumoniae ) ،أطلقا عليه اسم الجزء سي ( Fraction C) . وقد خطرت للباحثين تجربة تفاعل هذا الجزء سي، مع مصل دم متحصل عليه من المرضى المصابين بالتهاب الرئة التي تسببه البكتيريا المذكورة، فلاحظا حصول تفاعل مناعي ترسبي قوي ( precipitation reaction ) بين مصل الدم المأخوذ من المرضى و والجزء سي من البكتيريا، عندما يكون المرض شديدا في بدايته. وهو ما يعني أن الجسم يفرز مادة تتفاعل مناعيا مع الجزء سي في البكتيريا، كما تبين ألباحثان ايضا، أن قوة هذا التفاعل المناعي تخف عندما يكون المصل مأخوذا من مرضى خفت حدة المرض عندهم .
وكانت الملاحظات السابقة هي الخطوة الأولى و الأساسية في اكتشاف البروتين المتفاعل سي وأهميته التشخيصية، فقد دلت الابحاث الاضافية لنفس الباحثين الى أن هذا التفاعل المناعي ليس مقتصرا على المصابين بالتهاب الرئة، بل يحدث بين مصل الدم المأخوذ من المصابين بالحمى الروماتيزمية وبين الجزء سي من البكتيريا أيضا. وفي السنوات التالية استطاع مجموعة من الباحثين اكتشاف سبب التفاعل الموجود في دماء المرضى واتضح أنه نوع من البروتين سمياه البروتين المتفاعل سي ( تذكيرا بعلاقته بالجزء سي من البكتريا التي تصيب الرئتين) يفرزه الجسم عند مواجهة (التفاعل مع ) المرض. و قد استطاع الباحثون اكتشاف الكثير من خصائص هذا البروتين المتفاعل. ثم أتى العام 1947 ، فاستطاع العالم ماكارتي (McCarty) استخلاص هذا البروتين بصورة نقية، ثم أستخدم هذا البروتين المتولد في اجسام المرضى لمتابعة تطور المرض عند مرضى الحمى الروماتيزمية ( rheumatic fever). بعدها أنتجت شركة شيفلن واخوانه الامريكية ،اختبارا لتقدير مستويات البروتين المتفاعل سي في دماء المرضى، مما أدى الى انتشار استخدامه في طب الروماتيزم، منذ العقد الثامن من القرن الماضي. ثم جاء عقد التسعينات من نفس القرن، فاتضحت أهيمة مراقبة مستويات هذا البروتين في أمراض القلب والشرايين التاجية.
وفي السنوات الاخيرة اتجهت الابحاث لسبر دور هذا البروتين، ليس فقط كأختبار لمتابعة تطور الامراض الرماتيزمية والقلبية، بل كعامل مشارك في الآليات الوقائية والمرضية لكثير من الأمراض، من بينها مرض الذئبة الحمامية المجموعية ( SLE ). وهناك اليوم آمالا في اكتشاف أدوية جديدة تستخدم في مجال الروماتيزم خلال السنوات القادمة، تتدخل في انتاج وتفاعلات البروتين المتفاعل سي في الجسم.
وفي السنوات الاخيرة اتجهت الابحاث لسبر دور هذا البروتين، ليس فقط كأختبار لمتابعة تطور الامراض الرماتيزمية والقلبية، بل كعامل مشارك في الآليات الوقائية والمرضية لكثير من الأمراض، من بينها مرض الذئبة الحمامية المجموعية ( SLE ). وهناك اليوم آمالا في اكتشاف أدوية جديدة تستخدم في مجال الروماتيزم خلال السنوات القادمة، تتدخل في انتاج وتفاعلات البروتين المتفاعل سي في الجسم.
______________________________________________
Copyright© 2015 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق